لقد كانت The Evil Within الأولى لعبة رائعة حقاً، و قد منحتني الشعور
بأنني ألعب الوريث الحقيقي لريزدنت ايفل الرابعة و الذي تمنيته طويلاً و لم أحصل
عليه بالشكل الذي تمنيته مع خروج الفتى المُرعب شينجي ميكامي من شركة كابكوم. كل
المزايا التي اعتدنا عليها في ألعاب هذا المصمم الشهير كانت موجودة مع عودته إلى
إخراج The Evil Within؛ الأجواء ذات الطراز الفني الأوروبي و المستوى الفني الهائل في
اللعبة، النغمة الأيقونية التي قدمها لنا مع المقطوعة الفرنسية الشهيرة Clair de lune، طريقته الخاصة في التنبؤ
بما يجول في خاطر اللاعب و مفاجأته من حيث لا يحتسب، بالإضافة إلى التركيز على
عنصر الاستكشاف و الإبداع و التنويع في تصميم المواجهات مع الأعداء.
The Evil
Within الأولى كانت رسالة حب خالصة إلى العشاق القدامى
لألعاب الرعب و اليابانية منها بالأخص، فهناك استلهامات من ريزدنت ايفل الأولى مثل
منطقة القصر في الفصل التاسع، و هناك استلهامات من ريزدنت ايفل الرابعة تتجسد في
القرية و الكنيسة، و هناك استلهامات من ألعاب أخرى عديدة مثل Siren بل و حتى Parasite Eve رائعة سكوير سوفت في التسعينات، إلا أن اللعبة
التي فوجئنا حقاً بمدى تأثر شينجي ميكامي بها هي لعبة Silent Hill تحفة كونامي الخالدة و اللعبة التي قد تكون
الأكثر إلهاماً لمطوري ألعاب الرعب عبر العصور، بل و يمكننا القول و بثقة أن
اللعبة الأولى حاولت محاكاة تقديم الرعب النفسي في سايلنت هيل أكثر من أي لعبة
أخرى، إن كان ذلك من خلال البيئة المُتسخة، درجة الألوان المُستخدمة، الكتابات
الحمراء، التلاعب الجنوني في البيئة، الشخصيات غريبة الأطوار، بل و حتى تسخير أحد
الفصول ليُقدم تجربة شبيهة للغاية بالعالم المُظلِم الذي يتواجد في جميع ألعاب
سايلنت هيل.
فريق
العمل الذي قام بتصميم The Evil Within 2 هو ذاته
فريق Tango الذي
يحتوي على العديد من مصممي كابكوم السابقين. على أية حال، شهد فريقُ العمل تغيراتٍ
بارزة، فالمخرج هو الشاب جون جوهاناس الذي وصفه شينجي ميكامي بأنه يمتلك الكثير من
الموهبة، و هو القائد الأول خلف هذا المشروع، أما شينجي ميكامي فقد اكتفى بدور
المُنتج المنفذ للمشروع. كتابة السيناريو تولى مسؤوليتها كل من Syoji Ishimine و Trent Haaga. على صعيد
الرسوم الفنية، يؤسفنا أن المُبدعة Ikumi Nakamura لم تعمل
على هذه اللعبة، و لمن لا يعلم فإن Ikumi Nakamura مسؤولة
عن تصميم أفزع و أعظم وحوش الجزء الأول مثل The Keeperو Laura.
فريق
الرسوم الفنية لم ينجح أبداً في تعويض إيكومي ناكامورا و لمستها الفنية الرائعة،
كما أن التوجه الأوروبي الذي أبدع فيه الرسام الآخر Naoki Katakai في الجزء الأول كان أفضل على صعيدٍ فني من التوجه
الذي سلكه الجزء الثاني و الذي حاول محاكاة أجواء مدينة أمريكية صغيرة. حتى على
صعيد الموسيقى، فإن المُلحن Masafumi Takada (الذي
تعرفونه ربما من خلال سلسلة الغموض Danganronpa) لم يعمل
أيضاً على الجزء الثاني، و على الرغم من أن الموسيقى في الجزء الأول لم تكن عملاً
للذكرى إلا أنها امتلكت شخصيتها الخاصة و كانت أفضل من العمل الذي قدمه Masatoshi Yanagi في الجزء الثاني.
لمن لم
يلعب الجزء الأول، فإن فكرة نظام STEM تعتمد
على إيصال الوعي البشري للأشخاص بماكينة عملاقة لعيش تجربة افتراضية موحدة، و
بينما اعتمد الجزء الأول على الغموض و ترك الكثير من التفاصيل لمخيلة اللاعب، أتى الجزء
الثاني بتوجه مناقضٍ لذلك تماماً. على أية حال، نُشاهد سباستيان المحطم نفسياً في
بداية اللعبة، و الذي تختطفه جولي كيدمان إحدى شخصيات الجزء الأول ليتم إجباره على
الدخول في نظام STEM الجديد و
مدينة Union.
الفصل
الثاني من اللعبة بدأ هذه التجربة و رفع مستوى التوقعات كثيراً، و لا يسعنا القول
سوى أن هذا الفصل نجح تماماً في إقحام اللاعب في الأجواء المرعبة التي تنتظره و
أحسن تقديم شخصية شريرة أساسية ستقابلونها في مرات عديدة أثناء رحلتكم في Union، الجنون السوداوي و
المُخيلة المُظلمة التي عرفناها عن هذه السلسلة ظهرت جلياً في الفصل الثاني. في
الفصل الثالث ستصل بكم المغامرة إلى مدينة Union أخيراً و التي تُذكرنا كثيراً بمدينة الضباب Silent Hill، و حتى أن سباستيان يستخدم
الراديو أيضاً.
بعد
البداية المشوقة و المرعبة للأحداث وصلنا إلى مدينة Union لتبدأ معالم الاختلاف الكبير في تصميم اللعبة
تظهر بينها و بين الجزء السابق. في البداية نودُ أن نقول بأن الفصل الثالث في هذه
اللعبة هو قمة ما قدمته طوال ساعاتنا التي فاقت العشرين، و هي تُقدم منطقة كبيرة
نسبياً بأسلوب العوالم المفتوحة و بطريقة تصميمية منعشة للغاية بالنسبة لألعاب
الرعب. أصبح هناك منزل آمن في كل منطقة رئيسية في اللعبة، و في المنزل الآمن يُمكن
لكم خوض الحوارات مع أحد الشخصيات الجانبية في اللعبة، و استعادة الطاقة عن طريق
شُرب القهوة الأمريكية! أو التخزين، و بمقدوركم أيضاً الولوج إلى الجانب الآخر من
المرآة.
في الجانب
الآخر سيكون بإمكانكم ترقية شخصية سباستيان هذه المرة و ذلك باستعمال الجيل الأخضر
المُريب، سيكون بإمكانكم زيادة مهاراته في استعمال الأسلحة النارية أو قوة ضرباته
اليدوية، و زيادة عداد الصحة و عداد اللياقة بالإضافة إلى تحسين مهارات التخفي عن
طريق تقليل وقع الأصوات عند المشي أو زيادة السرعة في وضعية الانحناء. بجانب ذلك
سيكون بمقدوركم صنع الذخيرة لأسلحتكم مثل طلقات الرصاص للمسدس أو البندقية بل و
حتى الأدوات العلاجية، و بالطبع فإن هناك أيضاً خيار ترقية الأسلحة عن طريق زيادة
قوتها و زيادة سعة مخزن الرصاصات و ما شابه. و لأكن صريحاً فأنا لستُ من محبي
ترقية الشخصية الرئيسية في مثل هذا النوع من الألعاب لأنه يحرم اللاعب من خواص
هامة في البداية، حيث نُفضل أن تكون جميع التحركات الجوهرية متاحة للاعب منذ بدء
التجربة، و على أية حال فإن هذا يبقى تفضيلنا الشخصي.
هناك
حرية استكشاف كبيرة قدمها الفصل الثالث في Union، لم نحاول أن نتبع إشارة
الراديو من البداية حيث بدأنا باستكشاف المنازل المنكوبة في هذه المدينة الصغيرة،
و قد أجزلت اللعبة مكافأة فضولنا بطُرقٍ لم نتوقعها إطلاقاً، هناك الكثير من
المفاجآت التي تنتظركم في جنبات Union و الأروع
أنها مفاجآت و أحداث جانبية بالكامل، أعجبنا كثيراً اعتناء فريق التطوير بالتفاصيل
الصغيرة و شعرنا أن كل زاوية في Union تحمل لنا
شيئاً جديداً و لمسة مُفزعة أخرى، و ياللأسف فإن اللعبة لم تنجح في الحفاظ على هذا
المستوى، و شعرنا بأن الأفكار قد فرغت من عقول فريق التطوير سريعاً بعد الفصل
الثالث لتبدأ اللعبة بالدوران في حلقة مفرغة من تكرار نفس الأفكار دون أن تنجح في
البناء عليها و التوسع بها.
تنقسم قصة
The Evil Within إلى
مرحلتين أساسيتين، المرحلة الأولى تُشكل النصف الأول من اللعبة، و هذا النصف هو
الأفضل و الأكثر تشويقاً و ارتباطاً بمفهوم رعب البقاء، أما النصف الثاني فهو
يحاول استدرار عاطفة اللاعب حول علاقة سباستيان بأسرته و يفشل في ذلك فشلاً ذريعاً
بسبب افتقاره إلى عملية البناء الصحيح، فلماذا قد يكترث اللاعب لشأن ليلي ابنة
سباستيان دون منحه الدوافع و الأسباب القصصية لذلك؟ أما الأحداث التي دارت حول
منظمة موبيوس و جهاز STEM فقد كانت أوضح
من اللازم كما لم يعجبنا الطابع الديني النمطي الذي اصطبغت به القصة لاحقاً و نحن
لسنا من محبي هذا النوع من النمطية و لا نعتقد أنه من الضروري تصوير الدين كمصدر
لفساد بعض الأشخاص. الشخصيات الجانبية في اللعبة تم تقديمها بطريقة مشابهة لأولئك
في ألعاب تقمص الأدوار الغربية مثل ألعاب
Bioware و لم تكن مميزة
على صعيد الحوارات، و إحقاقاً للحق فإن اللعبة أبدعت في تقديم شخصية جانبية واحدة
لن نخبركم عنها بكونها تظهر في مرحلة متأخرة من الأحداث.
عانت
The Evil Within الأولى
من رسوميات متوسطة، و الحقيقة فقد كانت تلك اللعبة أولى ألعاب فريق التطوير
Tango و قد صدرت في
مرحلة متأخرة من الجيل الماضي و أتت كلعبة مُشتركة بين جيلين و رغم محدوديتها
التقنية إلا أنها قدمت رسوميات فنية لا تُضاهى، نعم اللعبة الأولى حملت رونقاً
خاصاً للغاية. لحسن الحظ فإن هذه اللعبة تقفز قفزة كبيرة في المستوى الرسومي،
البيئة باتت أفضل و أكثر تفصيلا من السابق و نماذج الشخصيات أصبحت أكثر قرباً من
الواقع مع تفاصيل البشرة و الجلد و الشعر، و مع ذلك فإن بيئة اللعبة و رغم كل
التحسينات لا زالت بعيدة عن مستوى ألعاب القمة و حتى أنها لا تُضاهي النسخة
المحسنة من The Last of Us في هذا الجانب و
التي هي بالأساس لعبة مبنية على قدرات البلايستيشن الثالث. مع التطور التكنولوجي
الهائل في العتاد أمست الفوارق واضحة بين مطورٍ و آخر من ناحية التقنيات.
التمثيل
الصوتي في اللعبة أفضل من الجزء السابق بصورة واضحة و هي ترتقي إلى مستوى الألعاب
الحديثة، الأمر الذي عانت معه العديد من الألعاب اليابانية طويلاً، لكن الموسيقى
التصويرية ليست جذابة و ليست من النوع الذي يعلق في الأذهان كما كنا نتمنى و هي
غير مثيرة للفزع أو القلق بنفس الدرجة التي حققتها ألحان ماسافومي تاكادا في الجزء
السابق، و على الرغم من ذلك تبقى الموسيقى الكلاسيكية علامة بارزة لهذه السلسلة، و
هذه المرة مع استعمال مذهل للغاية لمقطوعة Serenade for Strings من عملاق الموسيقى الروسي في القرن التاسع عشر
بيوتر تشايكوفسكي، و التي ستبقى في أذهاننا طويلاً بعد هذه اللعبة!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق